التشكيلي سعيد العلاوي:
جدة.. لوحة بصرية
لم يغفل القباب والمنارات التي تزدان بها مدينة جدة التاريخية ببنائها القديم.
جدة ذاكرة بصرية وتاريخية، تسكن في وجدان الفنان التشكيلي سعيد العلاوي، يتتبع آثارها ورواشينها، بحرها مده وجزره، ليلها ونهارها، شواطئها ونوارسها، حاراتها ودكاكينها.
يقدمها في أعمال فنية يجسد قباب مآذنها، الحارات والأبنية والأزقة وعتبات الأبواب، وذكريات الأطفال عندما يسجلون تاريخ حياتهم على تلك الجدران البيضاء, ولم يغفل القباب والمنارات التي تزدان بها مدينة جدة التاريخية ببنائها القديم.
الحنين إلى الأماكن
يحاول الفنان العلاوي في لوحاته إبراز رموزه ومفرداته التشكيلية كالبيوت القديمة والرواشين والأبواب من مخزون ذاكرته البصرية ووجدانه، وأماكن تذكره بمرابع الصبا ظل يرسمها حتى لا تندثر ويطويها النسيان. ويعلن في جميع لوحاته عن تأثر الفنان ببيئته ويؤكد: «الفنان دائمًا ما يتأثر ببيئته وبما حوله. وجدة تعني الكثير، جدة تاريخ وحضارة صنعها أناس كانت تجمعهم علاقات ود واحترام وتقدير، علاقات حب، كل السمات والصفات الحميدة. لذلك تجدني أحن إلى رسم الأماكن والبيوت القديمة لأني أشعر بأنها تسكنني وأسكنها».
توظيف التراث
إشكالية توظيف التراث في العمل الفني تبلور قناعات العلاوي. إن توظيف التراث في العمل الفني ذو أهمية كبيرة، وهي مسؤولية تقع على عاتق الفنان لإيصال رسالته. وعندما يرسم التفاصيل البسيطة للأماكن والبيوت القديمة والحارة وأزقتها، وهي المتنفس لأولاد الحي، يؤكد بذلك حرصه على الكشف عن قيمة ما نملكه من تراث وضرورة إدراك قيمته، ولا نعرف معنى هذا حتى نفقد الشيء الذي نعيشه.
وعلاوي في لوحاته يسعى جاهدًا لتوظيف التراث بطريقته وأدواته
الخاصة وبرؤية معاصرة ليعيش معها بحسه ووجدانه، ومن خلالها يرسل عدة رسائل في أكثر من اتجاه، تأتي كلها في سياق التعريف بأهمية توثيق تاريخنا وحضارتنا وثقافتنا للأجيال التي لم تعش ذلك الزمان الجميل ودعوة المسؤولين للمحافظة على التراث واستلهام تجارب المحافظة عليه في أماكن مختلفة من الوطن العربي كان للفنانين التشكيليين دور كبير في التوثيق حتى لا تغدو أثرًا بعد عين فتصبح حلمًا.
وينادي علاوي بضرورة وجود نقاد تشكيليين يمتلكون أدوات النقد وفق أسس علمية ودراسة أكاديمية ليتمكنوا من نقل مفهوم اللوحة. ويشرح ذلك بقوله: هنا أركز ليس بالضرورة على المفهوم الجمالي، وإنما الفكر وما يريد الفنان أن يوصله للمتلقي، فالناقد حلقة وصل بين الفنان والمتلقي وبشرط أن يكون الناقد متابعًا لمراحل الفنان العملية وتجربته الفنية.